(1905-1849)
مفتى الديار في مصر و معظم العالم الأسلامى

 

لا فصل بين الجنسين في الاسلام

الشيخ “محمد عبده” (مصر 1849-1905) المفتي لمصر ومعظم الدول الإسلامية في وقته كتب عن هذه المسألة قائلا

أ— يختلط الرجال و النساء في مزيج حاشد في الحرم بمكة فى كل وقت و أثناء الحج و العمرة ، والحرم بمكة المكرمة هو أقدس مكان والحج أو العمرة هى أعلى حالة للسمو الروحي والديني للمسلمين، وبالتالي إذا كان فى الفصل بين الجنسين فضيلة أو تقوى بأي شكل، لكان الله أو الرسول أمروا بالفصل بينهما فى هذا المكان

ب— لا توجد آية واحدة في القرآن تدعو الى فصل الجنسين في الحياة العامة أو تفضيل الرجال على النساء ، و قد ساوى الإسلام النساء إلى الرجال إلا في تعدد الزوجات فقط وهذا لأسباب بيولوجية

     4;124وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ

ج— قد خلق الله هذه الدنيا ومكن الجنس البشري (ذكر وأنثى) من التمتع بمنافعها حسب قدرة كل انسان فى ظل الحقوق والواجبات التى سنها الله و الذى ساوى بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق و حقهم في التمتع بخيرات العالم و لم يقسم الله الأرض إلى مناطق، وجعل بعضها للرجال والآخر للنساء، ولكن جعل الله خيرات الدنيا و متع الحياة مشتركة لكلا الجنسين كل حسب عمله وجهده دون أي تمييز، فكيف يتأتي لأي امرأة التمتع بخيرات الله و العمل و كسب الحياة دون التفاعل والتعامل مع الذكور والإناث ، و الغريب أن معظم أولئك الذين يطالبون بحجب و فصل النساء لديهم فى منازلهم خادمات أجنبيات لخدمتهم و خدمة عائلاتهم ودون أي حجاب ، فكيف يتأتي أن يسمح بالاختلاط وراء الأبواب المغلقة ويحظر ذلك في الحياة العامة

د—الإسلام سمح للمرأة بحيازة و تملك وإدارة شؤونها بشكل منفصل عن الزوج أو الأسرة، فكيف يتأتي للمرأة التعامل فى عملها والتفاعل مع الجمهور والجهات الحكومية والهيئات القضائية والعملاء والموردين (رجال ونساء) إذا كان هناك فصل بين الجنسين فى مناحى الحياة و من الشائع أن كئير من النساء المحتجبات قد سرقن واختلسن من قبل وكلاءهم و اقاربهم الذكور الذين سلمت لهم إدارة أعمالهن

ه—    أعطى الله فى القرأن أمثلة للمرأة التي تحتل مكانة عالية و تشغل منصب أعلى من الرجال و تحكمهم مثل الملكة “بلقيس ملكة “سبأ” (بلاد اليمن )، و ذلك عندما حكي قصة “سليمان”

27;23إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ

27;33قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ﴿٣٢﴾ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴿٣٣﴾

و للنساء كما للرجال منطق وعقلية جيدة وذاك بشهادة الخليفة “عمر” الذي كان يتحدث عن قضية ما في المسجد واعترضت امرأة على رأيه وجادلته وفندت رأيه واعترف أنها كانت على حق وقال مقولته المشهورة “أصابت امرأة و أخطأ عمر “

و—- الإسلام يبيح سفر المرأة وعيشها في الخارج والعمل بمفردها و بدون محرم والإسلام أعطى مثالا رائعا لهذا فى أمنا هاجر المبجلة، زوجة النبي ابراهيم و أم النبي إسماعيل، عندما تركها ابراهيم بناء على أمر الله في صحراء مكة المكرمة القاحلة وحدها مع رضيعها اسماعيل لعدة سنوات وكانت وحدها تقوم بحماية ورعاية نفسها والطفل وإدارة احتياجات معيشتهم  وتعاملت وتفاعلت مع النساء والرجال من التجار وأعضاء القبائل العربية التي عبرت وعاشت في هذا المكان و كانت هاجر تبيع لهم مياه البئر زمزم وتشترى منهم ما تحتاج لها ولابنها . و قد ذكر القرأن ترك ابراهيم لذريته فى

14;37 رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ

و عندما تركها ابراهيم هناك، لم تجد هاجر شيئا لإطعام ابنها الجائع العطشان حتى أنها ظلت تسعى جيئة وذهابا بين “الصفا” و “المروة” بحثا عن الماء حتى تفجر لها بئر ماء زمزم، وقد خلد الله تعالى عمل و سعى و جهد هاجر و هى امرأة وجعل الله مسار سعيها منسك رئيسى في الحج والعمرة كما هو مذكور فى القرأن

2;158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ

ز— كذلك زوجة الرسول وأم المؤمنين “خديجة” كانت تاجرة كبيرة في السوق وكان هذا يتطلب منها إدارة أعمالها التجارية و التعامل مع الرجال والإناث فى مجال التجارة و العمل

ح— أيضا لأولئك الذين يفضلون الرجوع للحديث لأخذ معلوماتهم الدينية فهناك حديث في صحيح البخاري يقول

“كان الرجال و النساء يتوضؤون جميعا فى زمان رسول الله”

و هذا الحديث يثبت أنه لا يوجد فصل بين الجنسين ولا وغطاء لوجه المرأة فى الدين حيث ان عملية الوضوء تتطلب كشف الوجه والشعر والذراعين والقدم ..

ط— كما ان غطاء الوجه (النقاب) يمكن أن يكون وسيلة جيدة لارتكاب المعاصى والزنا لأن النساء اللواتى يردن الحصول على علاقة غير شرعية مع رجل غريب يمكن أن يخرجن بسرية والقيام بأي ذنب دون علم ألأزواج أو ألأهل أو الجيران أو أي شخص يمكنه التعرف عليهن

ك—الفصل بين الجنسين يمكن أن يكون اختياري ولكن غير إلزامي، وبالتالي، إذا قررت مجموعة من النساء أو الرجال أن يكون لدبهم نادي أو جمعية أو مدرسة أو جامعة خاصة بالذكور أو الاناث فان الأمر متروك لهم واختيارهم ولكن هذا يجب الا يكون اجباريا كما انه ليس متطلبا اسلاميا

ل— ذكر الله اختلاط النساء والرجال في الحياة والأماكن العامة مع مراعاة غض البصر والأداب العامة كما جاء في القرآن الكريم

24;31قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿٣٠﴾ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ